أغلقت مؤشرات الأسهم الأميركية على خسائر يوم أمس بضغط من أسهم التكنولوجيا المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، إذ تراجع المؤشر المكوَّن من “السبع العظماء” (MAGS) بنسبة أكثر من 2% بالإضافة إلى تراجع مؤشر فيلادلفيا لأشباه الموصلات (SOX) بنسبة أكثر من 4%. وأعتقد أن هذه التراجعات طبيعية وصحية، خاصة بعد المستويات القياسية التي تم تسجيلها في الآونة الأخيرة. والجدير بالذكر أيضًا أن هناك ارتفاعًا في كل من مؤشرات S&P 500 وDow وراسل 2000 لستة أشهر متتالية، والناسداك 100 لسبعة أشهر متتالية.
أما مؤشر التقلب والخوف VIX فقد ارتفع إلى مستوى 20.48 نقطة، وهو أعلى مستوى له منذ 22 أكتوبر (أي منذ أسبوعين)، ما يشير إلى حالة من القلق والعزوف عن المخاطرة لدى المستثمرين تجاه الأسهم الأميركية في هذه الفترة.
ويأتي ذلك خاصة في ظل وجود بعض العوامل التي تضغط على الأسهم الأميركية، وأبرزها:
أولًا: التقييمات باهظة. فعلى سبيل المثال، ورغم النتائج الإيجابية لشركة بلانتير والتوقعات المستقبلية الجيدة، فإن تقييماتها خيالية، حيث إن مضاعف الربحية (P/E Ratio) يتجاوز 400 مرة، والسهم مرتفع بأكثر من 150%. بالإضافة إلى ذلك، فإن مضاعف الأرباح المتوقع لمؤشر S&P 500 يتداول عند نحو 23 مرة، وهو أعلى مستوى له منذ خمس سنوات.
ثانيًا: استمرار الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة الأميركية لليوم السابع والثلاثين على التوالي، ليسجل أطول إغلاق على الإطلاق، ويبدو أننا لن نشهد اتفاقًا بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي في المدى القريب، وذلك لتمسك كل طرف برأيه. وكلما طالت فترة الإغلاق، زادت الخسائر.
ثالثًا: الانقسام داخل الفيدرالي والتصريحات المتباينة بين مسؤولي الفيدرالي حول خفض أسعار الفائدة في ديسمبر، بالإضافة إلى اللهجة الحذرة التي اتبعها باول الأسبوع الماضي، حيث استبعد حتمية خفض أسعار الفائدة في ديسمبر، مما يخلق نوعًا من الضبابية حول مسار السياسة النقدية في المرحلة القادمة. وبعد أن كانت الأسواق تُسعّر بنسبة 90% خفضَ أسعار الفائدة قبل اجتماع الفيدرالي، أصبحت الأسواق تُسعّر خفضًا بنسبة 70% تقريبًا.
ورغم تلك العوامل الضاغطة، أعتقد أن الزخم الإيجابي للأسهم الأميركية سوف يستمر خلال المرحلة المقبلة، وذلك لعدة أسباب أبرزها:
حتى الآن، تفوقت 80% من الشركات المدرجة في مؤشر S&P 500 التي أعلنت عن نتائجها على توقعات المحللين، وتحديدًا الأسهم الكبرى المرتبطة بالذكاء الاصطناعي أو ما يُعرف بـ Magnificent 7، وتترقب الأسواق في 19 نوفمبر صدور نتائج شركة إنفيديا والتوجه المستقبلي الذي سيعبّر عنه الرئيس التنفيذي للشركة.
من الناحية الفنية، تشير المؤشرات إلى استمرار الاتجاه الصعودي لمؤشرات الأسهم الأميركية، وذلك لانتظام المتوسطات المتحركة لـ20 و50 و200 يوم، حيث يتجاوز متوسط الـ20 يومًا متوسط الـ50 يومًا، والذي بدوره يتجاوز متوسط الـ200 يوم، مما يعكس ترتيبًا فنيًا إيجابيًا. ويسجل مؤشر القوة النسبية (RSI) حاليًا 55 نقطة، ورغم نزوله، إلا أنه لا يزال فوق مستوى 50 نقطة، ما يعكس الزخم الإيجابي. كذلك، لا يزال هناك تقاطع صعودي بين مؤشر الماكد (MACD) وخط الإشارة، ما يشير إلى استمرار الزخم الإيجابي لمؤشر ناسداك 100.
مؤشر الدولار
ارتفع مؤشر الدولار فوق مستوى النفسي 100 نقطة، مسجلًا مستوى 100.26 نقطة وهو أعلى مستوى له منذ 29 مايو. ومع ذلك، لا يزال المؤشر متراجعًا بنحو 8% منذ مطلع العام حتى اليوم.
وتعود قوة الدولار في هذه المرحلة إلى سببين رئيسيين:
أولًا: اللهجة الحذرة التي اتبعها رئيس الفيدرالي، جيروم باول، حيث استبعد حتمية خفض أسعار الفائدة في اجتماع الفيدرالي المقرر في ديسمبر.
ثانيًا: ضعف العملات الأجنبية الأخرى مثل اليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني.
السندات الأميركية
تراجعت عوائد سندات الخزانة الأميركية بمختلف آجالها‘ ما يعني وجود طلب متزايد على السندات الأميركية كملاذ آمن في هذه المرحلة. ومع ذلك، يجب التوخي الحذر عند الاستثمار في سندات الخزانة، إذ إن عوائد السندات بمختلف آجالها معرّضة للارتفاع في المرحلة القادمة.
فعائد السندات لأجل عامين، وهو الأكثر حساسية للسياسة النقدية للفيدرالي، قد يشهد ارتفاعًا وسط الانقسام داخل الفيدرالي والتصريحات المتباينة بين مسؤولي البنك حول خفض أسعار الفائدة في ديسمبر. كما أن اللهجة الحذرة التي اتبعها باول الأسبوع الماضي، حين استبعد حتمية خفض أسعار الفائدة في ديسمبر، خلقت نوعًا من الضبابية حول مسار السياسة النقدية في المرحلة المقبلة.
وبعد أن كانت الأسواق تُسعّر بنسبة 90% احتمال خفض أسعار الفائدة قبل اجتماع الفيدرالي، أصبحت الآن تُسعّر خفضًا بنسبة تقارب 70%.
أما العائد على السندات لأجل 30 عامًا، وهو الأكثر حساسية للسياسة المالية للخزانة الأميركية، فهو أيضًا معرّض للارتفاع مع استمرار ارتفاع الديون الأميركية التي وصلت إلى مستوى قياسي جديد عند 38 تريليون دولار، واتساع العجز المالي، مما يجبر وزارة الخزانة على إصدار المزيد من السندات. وبالتالي، سيكون المعروض أكبر من الطلب، الأمر الذي سيدفع المستثمرين للمطالبة بعلاوة أعلى على العائد.
يرجى ملاحظة أن هذا التحليل يُقدّم لأغراض إعلامية فقط ولا ينبغي اعتباره نصيحة استثمارية. ينطوي التداول على مخاطر عالية.
